بسم الله الرحمن الرحيم
*****
( إلا طارقاً يطرق بخير )
*****
كانت إحدى الليالي الربيعية المقمرة ، ، والجو يميل إلى البرودة ، ، ونسمات الهواء العليل
تداعب ستائر النافذة ، فتحركها ذات اليمين وذات الشمال ، فيظهر القمر من خلالها وقد بدد ظلام الليل
و أنار الكون ، بشعاعه الفضي اللامع .
. ************
كانت الساعة قد تجاوزت الواحدة بعد منتصف الليل ، و(أم إبراهيم ) لا تزال مستيقظة ، تتقلب في
فراشها الوثير ، وتلتحف غطاءها الدافئ الذي يغري بالنوم ، ، وقد ذهبت محاولاتها لجلب النوم أدراج
الرياح . وأبى النعاس أن يداعب أجفانها ،ورفض السهاد أن يفارقها ...
************
كانت وحيدة في بيتها الكبير ، لقد خلا إلا منها ، ، حتى الخادمة ، ، تركتها لدى ابنتها لعدة
أيام حيث كانت تعاني بعض المتاعب خلال حملها الأول ، ، ،
وبالرغم من كونها لا تزال على رأس العمل ، ولديها الكثير من الصديقات ، ، إلا أنها كانت تشعر
بالوحدة كلما اقترب المساء ، خاصة بعدما تزوجت صغرى بناتها منذ شهر تقريباً ، ، ،
ومن ثم سافرت مع زوجها لإكمال درا سته في الخارج ، ، وبقيت وحيدة
***********
نهضت ( أم إبراهيم ) من فراشها الوثير ، حينما فشلت محاولاتها للنوم ، ، واقتربت من النافذة ،
وأخذت تتأمل هذا المنظر الرائع وتتفكر في مبدعه سبحانه ، ونسمات الهواء تداعب خصلات شعرها
الذي بدأ الشيب يزحف إليه ، والقمر يعكس ضوءه على وجهها الذي لا يزال جميلاً متماسكاً ، ،
بالرغم من تقدمها في العمر ، ، ، فراحت تتأمله وتمتم بقول الشاعر :
ألا يا أيها القـمر المضيء ******* إلـى كم تذهبنّ وكم تجيء
ذهبت وفي ذهابك قصر عمري ******* رجعت وفي رجوعك لا يجيء
وفي غمرة تأملاتها ، ، ، مر من أمامها شريط ا لذكريات ، ، ،
ولأول مرة تدرك أن قرارها وإصرارها على الانفصال عن زوجها كان يحتاج إلى إعادة نظر،
وأنها قد تسرعت في طلبه ، ، في حين كان هو متمسكاً بها ، ، وظنت حينها أنها استغنت بمالها
وعملها عنه ، ولم تحسب لهذه اللحظة حساب ، وما خطر ببالها أن حاجتها إلى من يؤنس
وحدتها في مثل هذا العمر ، أكثرمن حاجتها إلى أي شيء آخر ،،
فأخذت دموعها تجري على صفحة خدها ، والرعشة تسري في أطرافها . .
***********
ابتعدت عن النافذة ، بعد أن قررت أن تذهب إلى مافيه سعادة القلب ، ، ، وطأنينة النفس، وراحة البال
، ، ، ، ، ، ، ، ، ، ،
قامت إلى مصلاها بقلب خاشع ولسان ذاكر وعين دامعة ، ، تشكو بثها وحزنها إلى مولاها
************
وما كادت تنتهي من صلاتها حتى سمعت طرقاً هادئاً على الباب ، ، ، ،ومن ثم صوت المفتاح يُدار ، ،
، ، ، ، ، ، ، ، ، ، ، ، ، ، وإذا ، ، ، ، ، ، ، ، ، ، ، ، ، ، ،
بإبراهيم ابنها البكر أمامها ، ، ، يأخذ برأسها ويقبلها ،
، ، والدموع تبلل عينيه ، ، ، جاء ليبيت معها الليلة ، ، ، ، ،
وليخبرها أن والده يصر على رجوعها إليه ! ! !
************
تمت بحمد الله
مواقع النشر (المفضلة)