بسم الله الرحمن الرحيم
لا تنفذون إلا بسلطان 000 ( السلطان هو: الوقود الشديد الاحتراق، الشديد الإضاءة)
قال تعالى: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33)) الرحمن0
لقد أرشدتنا آيات سورة الرحمن إلى أن النفاذ من أقطار السموات لا يكون إلا بسلطان، والسلطان قد بينه امرؤ القيس قبل (16) قرنًا 00 ونحن المسلمون لدينا أصدق، وأعظم هدية من الله تعالى، كتابه الصادق المعجزة الذي أنزله بلساننا، وما زلنا لا نفقه معنى السلطان بأنه هو الوقود الشديد الإضاءة عند اشتعاله 000 وهل استطاع الغرب النفاذ إلى الفضاء بغير هذا السلطان؟! فكلنا نرى ونشاهد قوة الاشتعال، وشدة الإنارة في قاعدة الصواريخ وهي منطلقة إلى الفضاء، حاملة لرواد الفضاء، وكان المفروض أن نصل نحن إلى هذا قبل أن يسبقونا إليه، لأن عندنا إشارة إليه من الله تعالى، لو كنا نتدبر القرآن العربي بلغة العرب التي أنزل بها، فهي المفتاح للقلوب المقفلة؛ ففي لسان العرب وغيره: سلطان جمع سليط، والسليط هو زيت السمسم 00 وقد سمي زيت الزيتون بنفس الاسم بعد ذلك، لأن يستعمل كزيت السمسم في نفس الغرض؛ أي في السُّرج (جمع سراج)، وذلك لأن اشتعال القليل منه يضيء البيت والمكان الواسع، ويغلب الظلام الكثير ويزيله؛ بأشد من فعل أضعافه من اشتعال الحطب والفحم وغيرهما، قال امرؤ القيس قبل نزول القرآن بقرنين :
يضيء كضوء سراج السليط لم يجعل الله فيه دخانا
وقد جاء استعمال مادة "سلط" الجذري في؛ غلبة القليل الكثير بيسر وسهولة، دون أن يحدث له ارتداد عنه؛ ومن ذلك سمي الحاكم بالسلطان؛ لأن أمره ينفذ ولا يرد، ولو أمر بقتل العدد الكبير، مع أنه فرد واحد من أمته، والسلاط: أسنان المفاتيح لأنه لها فعل فتح الأقفال الثقيلة بكل يسر وسهولة، ولو حاولت فتح الأقفال دونها لشق الأمر وثقل0 والسلاط: السهام الدقيقة الطويلة، التي تنفذ من الرمية بيسر وسهولة، خلاف السهام الغليظة، والسَّلَطة المعروفة؛ استعمال حديث في المأكولات، ولعله تسميتها بذلك من باب خفتها على المعدة، وفتحها للشهية؛ لأكل المزيد من الطعام000وينصح بها وحدها لتخفيف الوزن0
وكل آية آتاها الله تعالى لأحد أنبيائه وصفت بأنها سلطان؛ لأنه لا أحد يستطيع ردها، وإبطال دلالتها0
وهذا السلطان: (الوقود)؛ شديد الإضاءة عند اشتعاله، هو الذي يدفع الصاروخ نحو الفضاء متغلبًا على جاذبية الأرض ومادة السموات الغازية، ويدور بعد ذلك حول الأرض دون أن يرتد إليها ثانية حتى نرده نحن، وقد أشارت آيتا سورة الرحمن تفاصيل الخروج إلى الفضاء والعودة منه، وبكل الاحتياطات المطلوبة في هذه الرحلات كما فعل الإنسان في غزوه للفضاء، وخاصة في مدلول كلمة (أقطار)، وما يستنبط من فهمها، مما يضيق المقام عن تفصيله إلا في صفحات عديدة 00 هذه التفاصيل في الآيات كامنة في بطون مفرداتها التي لم تبحث جذورها، وما زلنا في نومنا العميق عنها0
لكننا نشير إلى أن النفاد في استعمال اللغة ينقسم إلى؛ نفاذ يظل له ارتباط، كنفاذ جزء من السهم من جسد الرمية، وبقاء جزء منه فيها، ونفاذ يمر منها ويتعداها، وكان النفاذ من أقطار السماوات على نوعين؛ نفاذ ظل له ارتباك بالأرض ويدور النافذ من مراكب وأقمار صناعية حول الأرض، ونفاذ تعداها إلى باقي المجموعة الشمسية، وإلى ما وراءها، وانقطعت علاقة النافذ بالأرض وما حولها0
ولو قدر لنا الفهم بأن النفاذ يحتاج إلى وقود شديد الإضاءة، وشدة الإضاءة لا تكون إلا من شدة الاحتراق؛ لفكرنا منذ قرون طويلة كيف نجعل من الوقود السائل، شديد الاحتراق، قوة دافعة للنفاذ، لوصلنا إلى الانتفاع من قوة الدفع التي تتولد من الاحتراق، واستعمالاتها من السيارة إلى الصاروخ والطائرة، قبل غيرنا من الأمم 000 ولكن هل نعلم هذا الأمر 00 أم ما زلنا على الجهل الذي نحن فيه0
قال تعالى : (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2)) يوسف، وقال تعالى: (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3)) الزخرف0
وفسر السلطان بالعلم أيضًا 00 والعلم إن كان من القوة ما لا يبطله ويدحضه شيء آخر، فيصح تسميته بالسلطان، والنفاذ لا يتم بالقوة فقط، بل يحتاج إلى علم دقيق لضبط الأمور حتى يتم النفاذ0
والنفاذ من بعض أقطار السموات أو كلها له سبيل واحد هو ما أرشدت إليه الآية0
لقد أنزل الله تعالى قرآنًا عربيًا 00 لعلنا نعقل هذا القرآن 000 وجعل الله تعالى كتابه قرآنًا عربيًا 00 لعلنا نعقل هذا القرآن 00 فطريق فهم القرآن، والفقه فيه، وإدراك ما فيه؛ هو الفقه في اللغة العربية، وكلما زاد فقهنا في اللغة زاد إدراكنا لما في كتاب الله 000 فنسأل الله تعالى أن يتم علينا فضله بما يبسط علينا فيه من علوم 000 وهذا المعنى بسط لنا جديد في المعاني لم نكن ندركه لولا مشاهدتنا لواقع يدل عليه، والقرآن حمال أوجه 000 هذا والله تعالى أعلم000 أبو مسلم العرابلي
مواقع النشر (المفضلة)