بارك الله فيك وجزاك الله كل الخير
مع الشكر والتقدير
بارك الله فيك وجزاك الله كل الخير
مع الشكر والتقدير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخت الفاضله ساندرا
بالنسبة لإستفسارك في موضوع ستر المسلم أرجوا أن يكون التالي فيه رد على سؤالك
- وروى مسلم وأبو داود واللفظ له والترمذي وحسنه النسائي وابن ماجه مرفوعا : [ [ من ستر على مسلم ستره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ] ]
وفي رواية لمسلم مرفوعا : [ [ لا يستر عبد عبدا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة ] ]
وروى الطبراني مرفوعا : [ [ لا يرى مؤمن من أخيه عورة فيسترها عليه إلا أدخله الله بها الجنة ] ]
وروى أبو داود والنسائي وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح الإسناد أن أبا الهيثم كاتب عقبة بن عامر قال لعقبة : [ [ إن لنا جيرانا يشربون الخمر وأنا داع الشرط ليأخذوهم قال : لا تفعل وعظهم وهددهم فقال : إني نهيتهم فلم ينتهوا وأنا داع الشرط ليأخذوهم فقال عقبة : ويحك لا تفعل فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : [ [ من ستر عورة فكأنما أحيا موؤودة في قبرها ] ]
والشرط بضم الشين المعجمة وفتح الراء : هم أعوان الولاة الظلمة الواحد منهم بضم الشين وسكون الراء
وروى أبو داود والنسائي أن ماعزا أتى النبي صلى الله عليه و سلم فأقر عنده أربع مرات يعني بالزنا فأمر برجمه وقال لهزال : [ [ لو سترته بثوبك لكان خير لك ] ]
قال الحافظ : وسبب قول النبي صلى الله عليه و سلم لهزال : [ [ لو سترته بثوبك ] ] ما رواه أبو داود وغيره عن محمد بن المنكدر : أن هزالا أمر ماعزا أن يأتي النبي صلى الله عليه و سلم وكان ماعز بن مالك يتيما في حجر هزال فأصاب جارية من الحي فقال له هزال : ائت النبي صلى الله عليه و سلم فأخبره بما صنعت لعله يستغفر لك واسم المرأة التي وقع عليها فاطمة وقيل غير ذلك . والله تعالى أعلم
وروى الطبراني مرفوعا ورجاله رجال الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : [ [ من علم من أخيه سيئة فسترها ستر الله عليه يوم القيامة ] ]
وروى ابن ماجه بإسناد حسن مرفوعا : [ [ من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته ] ]
وروى الترمذي وغيره مرفوعا : [ [ يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإن من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عز و جل عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله ] ]
ونظر ابن عمر يوما إلى الكعبة فقال : ما أعظمك وما أعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك
وسيأتي في عهود المنهيات زيادة على ذلك فراجعه . والله تعالى أعلم
- ( أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه و سلم ) أن نستر جميع عورات المسلمين مع تبيينها لهم سترا على نقائصهم وأول ما ترجع فائدة ذلك علينا في الدنيا والآخرة فإن من ستر ستر ومن هتك الناس هتك جزاء وفاقا
واعلم أن كل من كمل عقله لا يستبعد وقوعه بشيء من الذنوب فإن لم يكن وقع فيها فهو معرض للوقوع فيها فلينظر في جميع ما وقع فيه الناس وسحبوا إلى بيت الوالي يجد نفسه قابلة له لأن طينة البشر واحدة إلا من عصمه الله كالأنبياء ثم من أقبح ما يكون ذكر من كان عاصيا ثم تاب أحدا من العصاة بسوء وقد قالوا في المثل : تابت الزانية البارحة فقالت مقصودي الوالي يكبس على بنات الخطأ الكلاب الذين لا يخافون الله ونسيت نفسها وما كانت عليه
ثم أعلم يا أخي أن العاصي ما دام يغلق عليه بابه ولا يتجاهر فله الستر فإذا تجاهر فلنا كشفه وكذلك لا يجوز لك أن تذكر للناس ما رأيته يفعله من خلف باب أو طاقة أو دور قاعة وكن أولى به من نفسه ولكن لا بأس بأن تذكر له بعض ما رأيت فلعله يتوب وهذا العهد قد صار العمل به أعز من الكبريت الأحمر فلا تكاد تجد أحدا من إخوانك الأصدقاء فضلا عن غيرهم يستر لك عورة إذا اطلع عليها بل ينشرها في الناس وكلما وصيته على الكتمان تحركت عنده الداعية للإفشاء
وقد قال الإمام الغزالي : لا تركن إلى صديق حتى تمتحنه غاية الامتحان فربما أحصى عليك الزلات حال رضاه عنك ليهجوك بها حال سخطه عليك كما هو مشاهد كثيرا فيمن يصحب الناس لغير الله . بل وقع لسيدي يوسف العجمي أن شخصا مكث عنده نحو ثلاث سنين يطلب الطريق إلى الله تعالى والشيخ لا يلتفت إليه فلما أكثر على الشيخ قال له : يا ولدي أنت عندي بمنزلة ولدي ومقصودي أن تستر علي فإني قتلت نفسا هذه الليلة رأيتها بين عيالي وها هو في ذلك الفرد الخوص فاحمله في هذه الليلة واخرج به إلى الكوم وادفنه ولك عندي دينار ذهبا ففعل الشخص ذلك ثم إن الشيخ تنكر على ذلك المريد ثاني يوم وأمر بإخراجه من الزاوية ورمى حوائجه في الشارع فما شعر الشيخ إلا ومقدم الوالي ونائبه جاءوا إلى الشيخ واتهموه بقتيل وقالوا معنا بينة تشهد بموضع دفنه فأمر الشيخ بعض الفقراء أن يذهب معهم إلى الكوم فاستخرجوا الفرد وفتحوه فإذا هو خروف فمقت ذلك الفقير واتهم بالزغل فشنقوه بعد جمعة
وحكى لي الشيخ شمس الدين البوصيري أنه خدم سيدي الشيخ أبا السعود الجارحي نحو ثلاثين سنة والشيخ آخذ حذره منه فقال له يوما : يا سيدي مرادي تطلعني على شيء من أسرار أهل الله عز و جل فقال : يا محمد والله ما أءتمنك ؟ ؟ على إخراج ريح أخرجه بحضرتك خوفا أن تحكيه للناس
وبالجملة فيحتاج من يخالط الناس اليوم إلى أن يروض نفسه حتى يكون كعالية العوال في الدقاف ويصير يخشى الله بالغيب ويخاف أن يمقته إذا ذكر أحدا من عبيده بسوء لا سيما العلماء العاملون والفقراء الصادقون فإن ملاحظهم دقيقة وربما ظن بعض المجادلين في عقائدهم نقصا أو في أعمالهم خللا فيحكى ذلك للناس من غير أن يراجعهم في ذلك فيمقته الله لأن كل من استند إلى الله دون خلقه كان الله له بالنصر وهذا من شأنهم على الدوام لا يعولون قط على نصرة مخلوق ولا يشتكونه من بيت حاكم ولو فعل معهم ما فعل فلما أكرموا عبيده لأجله كذلك أكرمهم وأجلهم
وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول : من ادعى أنه من أهل الله ولم يتحمل الأذى من عبيده فقد كذب
وسمعت مرة أخرى يقول : إذا نازعتك نفسك في إظهار عورة مسلم فقل لها انظري ثمرة ذلك فإنك إذا أظهرتيها للناس لا بد من إظهار جميع زلاتك على رؤوس الأشهاد يوم القيامة حتى تفتضحي بحضرة من كان يعتقد فيك الصلاح في الدنيا فربما أن النفس تكتم ما رأت وليتأمل الذي يظهر عورات الناس بعينه يجد نفسه أغضب الله وتعرض للهتيكة ولا يعطيه الناس لأجل ذلك شيئا إنما ذلك رفث ومقت وفسوق لا غير نسأل الله تعالى العافية
وبالجملة فلا يتجسس على العورات إلا فاسق فإن القلب المطهر من السوء لا يظن في الناس إلا خيرا
ورأى سيدي مدين فقيرا تجسس على فقيرا دخل الخلوة بشاب أمرد فأخرج الشيخ ذلك المتجسس من الزاوية وقال : لولا أنك من أهل السوء ما ظننت السوء فقال : يا سيدي التوبة فقبل الشيخ توبته وأمره بأن يعامل إخوانه معاملة من يسيء بهم الظن من غير سوء ظن وأمر المتهومين بتحمل الأذى من جميع الناس وقال لهما : من سلك مسلك التهم فلا يلومن من أساء به الظن فعلم أن كل من اشتكى أحدا أذاه من بيت حاكم فليس له في طريق أهل الله نصيب
فاستر يا أخي إخوانك إن طلبت أن تخرج من الدنيا مستورا . { والله غفور رحيم }
وكما ترين شرط الستر أن لا تكون المصيه مجاهرا فيها
هل هذا معنى حديث: (من ستر على مسلم ستر الله عليه)، أي: إذا فعل إنسان شيئاً منكراً أو فاحشة وسترتُ عليه ستر الله علي؟ أرجو أن توضحوا لي هذا، جزاكم الله خيراً.
نعم، هذا حديث صحيح رواه مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي – عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة) وفي الصحيحين من حديث ابن عمر -رضي الله عنه- عنهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربة فرَّج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة) فهذا هو المشروع: إذا رأى الإنسان من أخيه في الله عورة يعني معصية فلا يفضحه ولا ينشرها بين الناس، بل يسترها عليه وينصحه ويوجهه إلى الخير ويدعوه إلى التوبة إلى الله من ذلك ولا يفضحه بين الناس، ومن فعل هذا وستر على أخيه ستره الله في الدنيا والآخرة، لأن الجزاء من جنس العمل، أما الذين يظهرون المعاصي ولا يستحون يظهرونها بين الناس فهؤلاء فضحوا أنفسهم، فليسوا محلاً للستر كالذي يشرب الخمر بين الناس في الأسواق والاجتماعات هذا قد فضح نفسه، نسأل الله العافية، وهكذا من يعمل المعاصي الأخرى جهرة ولا يبالي فهذا يرفع بأمره إلى ولاة الأمور إذا كانوا يردعون مثله ويقيمون عليه الحد يرفع بأمره، وليس محل الستر من أظهر فاحشته وأعلنها، نسأل الله العافية.
للسيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)