بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي بيده تدوم الصالحات وبملكوته يدير الأرض والسموات سبحانه عز في علاه وتجلى في سماه . معز من أراد ومذل من يريد ، المتصرف في شؤون خلقه كيفما شاء وأرد
أما بعد :

أخي العربي الكريم الأبي …

إني وأنت لنشرف بما لماضينا من منارات هدى سار بها الصدى لأبعد المدى إن تاريخنا الزاخر بالعلم والمعرفة وبالثقافة المتينة ليدعو الى الفخر والزهو احيانا لأننا كنا مشاعل النور ومشكاة الهدى وبصائر للعالمين وطريق للمتعلمين كان منها نشر علمائنا السابقين اروع الكتب الدينية
والفكرية التي تعد اختراعا" لحياة حضارية متقدمة استطاع معها اجدادنا الوصول لقمة التطور البنيوي فكريا" وحياتيا"، أنضر لما يقوله فينا الغرب عن اشرف الخلق واعز العرب يقول ـ شبرك النمساوي ـ (إن البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد إليها، إذ انه رغم أميته استطاع قبل بضعة عشر قرنا أن يأتي بتشريع، سنكون نحن الأوربيين اسعد ما نكون إذا توصلنا إلى قمته") لنا كامل الحق ان نفخر بنينا محمد ـ صلى الله علية وسلم ـ لأنه هو من انار لنا الطريق لنمشي ولكننا للأسف تركنا الشمعة تحترق حتى قل معينها وخفت نورها شيئا" فشيئا" ولم نسطع جلب شمعات تقاسمها احتراقا"وتزيدها توهجا"ونورا، قال احد المسئولين الدنمركيين في عبارة استهزائية منكرة عندما عصف العرب اقتصادها بمقاطعتها قال ( كيف يقاطعون وهم لاينتجون ) وحق له ان يقول ذلك ـ فنحن امة لاننتج حتى نجوع وإذا جعنا لا نأكل من غريفنا ! ـ اسمحوا لي فتلك عبارة لاتقل سوداوية عن سابقتها!. ولكن لماذا لانسلك الآن طريق أخر وهو طريق التفاؤل والتطلع والارتقاء. فهو ديدن المتفائلين والمتطلعين والمرتقين على أكتاف انفسهم ارتقاء" إراديا" وأنت ياعزيزي بإذن الله منهم .
ان الطريق الى الاكتفاء لايكون إلا بالتغيير والتغيير لا يكون إلا بالنفس قال تعالى (( إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )) الاية .
لماذا لانضرب ألان جرس التغيير وبداية الانطلاقة المتألقة والعبور على جسر الثقة بكل ثقة واقتدار ... فليبدأ كلا" منا بنفسة وليغيرها الى الأفضل .
لماذ لا نعصف بتقاليدنا البالية لماذا لا نغير مفاهيمنا القديمة عن انفسنا والتي غالبا" ما تكون سلبية لماذا لانهرب من السلبية هروبنا من الأسد الهصور، فلنخلع جلبابة الخوف السوداء ونلبس مشلح المغامرة الابيض هيا نقارع النجوم بعلو همه لماذالا ننظر الى السماء في رابعة النهار ونترك نظرة العتمة المعتمة اخي اركض برجلك لكل معترك صعب اركض برجلك للمعالي واترك سبيل التواني وليعلم كلا منا ان به عملاق مسجونا" بداخله لو اطلقه لأصبح انسانا" اخر قوي شجاع مقدام نا جح في حياته .
هيا غامر ...
اقبل التحدى مع نفسك ...
جرب جرب ثم جرب وجرب ... لا تتوقف
فليس هنا ك اخفاق ابدا" بل هناك تجارب فقط ويعقبها النجاح الباهر والمذهل الذي لم تتوقعه ابدا" عن نفسك
كل ذلك ومعه وبه يتحقق لدى الانسان الاكتفاء الذاتي لروحه وعقلة وجسمه فينتج عنها قيم ومعان سامية في تصرفاته ومدخلاته ومخرجاته
يتحقق الاكتفاء الذاتي لأمة بأسرها بتحقق الثقة في ابنائها لمواصلة مسيرة الإبداع والتقدم
إن الامم لتركن بركون ابنائها ونتهض بنهوضهم .
ولاتفهم عزيزي أن الاكتفاء مايراد منه فقط هو إما مأكل او المشرب... فهناك اكتفاءات كثيرة ومتعددة وتحقيقها يضمن انتشال امتنا مما هي عليه اذا صدقت وصدق ابنائها حسن العمل ومنها لا على سبيل الحصر:


الاكتفاء الروحي:
وفي نضري انه لايوجد اكتفاء روحي للإنسان المسلم مهما كان فليس له غنا عن منجاة ربه ودعائه في كل وقت وحين واللجوء اليه عند المحن والاحن
الاكتفاء الديني :
استجابة لقول الله تعالى ((فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقّهوا في الدين وليُنذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون)) الاية . فالشرع دعا الى التفقة في الدين وفي سائر العلوم وترك الركون الى الدعة وباطل العمل لذلك أعتقد أن المسلمين الذين لم يستشعروا الحاجة بعد، إلى استدراك الاختصاصات المطلوبة، لتحقيق الاكتفاء الذاتي للأمة، وبناء النخبة، أو أهل الحل والعقد، بناءً متكاملاً، والذين يتراجعون عن تحصل اختصاصاتهم، وبذل جهدهم للإبداع، والنبوغ بها، والذين ما يزالون يحسون بعقدة الذنب والنقص، من المتخصصين، تجاه مسؤولية العلمية ، فيدفعهم هذا الحس المغلوط، إلى مغادرة، اختصاصاتهم، والتحول إلى منابر الوعظ والإرشاد، والفتوى، دون امتلاك أداة ذلك، ووسيلته، إنما يعانون خللاً في بنائهم الثقافي الإسلامي، واستيعابهم معرفة الوحي، ومرجعيتهم الشرعية، ورؤيتهم الشاملة.. إنهم ينتقصون الإسلام ، ويهمشون دوره، ويحاصرونه، بعيدًا عن الاقتدار على صياغة الحياة، بجوانبها المتشعبة، وصبغها بالإسلام .
الاكتفاء المعرفي :
لاتسئ الحكم على نفسك بأنك قد اكتفيت من علم قد تخصصت به بدراسة في جامعة جوفاء الروح والكيف (اقول بعضها... ) فالعلم معين زاخر و بحر له مد ماله جزر، فلا تكتفي من العلم وزد ما استعط اليه سبيلا.
الاكتفاء الغذائي :
تطبيق قاعدة (( الغذاء قبل الربح ))وتحقيق ذلك يؤدي ليكسر الهيمنة الغربية على البلاد العربية ويزيدنا قوة وصمود وإني لأعجب منا نحن العرب فنحن نملك الأداة والدواة ولا تكتب حتى مقالات !
الاكتفاء التخطيطي :
وفي رايي ان هناك اندثار لهذا المصطلح على ارض الواقع فحتى استراتيجياتنا ببعديها القريب والبعيد مستور من بلاد لا تريد لنا ان نعيش بسلام.
الاكتفاء الدفاعي :
ولا نريد ان نعقد مقارنة بين الترسانة العسكرية الإسرائيلية والترسانة العسكرية للأمة العربية جمعاء ؛لأن ذلك يؤدي الى السخرية المفرطة بدولنا العربية كلها واستحقار انفسنا ولانريد هذا الشعور ان يدب في انفسنا ويسري في مشاعرنا وعواطفنا بل يجب ان نعكس هذا المفهوم ونجعله ذكرى من الماضي (( وماهو على الله ببعيد )) وهناك دول اسلامية تستطيع ان نفخر بإنجازاتها العسكرية الدفاعية الجوية والبرية والبحرية .
الاكتفاء التقني :
فعقولنا تلد عندنا حتى الفطام ثم تهاجر عند قطف الثمار ولا تعود إلا حد الذبول واليأس ،وهذا ناتج عن فقر التعاطي مع تلك العقول فلا نلوم من هاجر وترك بلاده فهو يجد عندهم المال والدلال والتوقير والاحترام ! مالا يجده في بلاده.
الاكتفاء المهني :
مليارات الريالات تذهب من بلادنا العربية الى دول اخرى قد تكون في اغلبها تكن جام الغضب على عالمنا الإسلامي. ومع ذلك نستطيع احتواء ذاك وما المانع نحن نملك المقومات لذلك ؛ فالقوة الاقتصادية متوفرة والايدي العاملة تعاني من البطالة .

وتقصد بالاكتفاء فيما سبق الاكتفاء من غيرنا وليس من انفسنا ولاتفهم من ذلك انني ادعوا ـ لاسمح ـ الله التقوقع على الذات والانكفاء على النفس وترك الإبداعات الغيرية فنحن لانستغني بأي حال من الاحوال عما يستجد من تقنيات ولكن يجب ان تكون استراتيجياتنا على المستوى (الخاص)الشخصي او على المستوى (العام ) الدولي في اغلبها على القليل تبتعد عن الاعتماد على الغير وتعطيل العقول المحلية وإبادة الفرد العربي فكريا" .فكما ان هناك استيراد يجب ان يرافقها تصدير قوي وفعال .
اشكرك لوقتك الثمين الذي قضيته معي