السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نقرأ الكثير من الآيات و الأحاديث و القصص من تاريخنا الإسلامي عن فضل الخيل و مكانتها.. فهل تربية الخيل و رعايتها و تعلم ركوبها و تعليمه في هذه الأيام .. فيها من الأجر .. مثلما كان للذين يعدونها للجهاد من الصحابة رضوان الله عليهم و من تلاهم إلى وقت قريب ؟ .. و خاصة إذا استحضر الإنسان في نيته أنها للجهاد؟
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:-
جاءت نصوص كثيرة في القرآن والسنة تبين فضل حبس الخيل وتربيتها للجهاد في سبيل الله، وذلك لأن الخيل كان سلاح القوم ساعتها، فلا غرو أشاد القرآن والسنة به.
ويرى الشيخ القرضاوي أن لفظة الخيل مجرد إشارة إلى سلاح كل عصر بحسبه، فخيلنا اليوم هو ما يحارب به من مركبات وطائرات وصواريخ ، فيكون فيها الأجر الذي ربطه القرآن بالخيل.
وأما تربية الخيل في عصرنا بغرض الجهاد فلا تخلو من الأجر؛ لأن هناك مواقع لا يصلح لها إلا الخيل، أو على الأقل يكون الخيل فيها أسبق وأمضى من غيره على أنه يجب الموازنة في أنواع الأسلحة التي تحتاجها كل بلد، فرب بلد لا يصلح له إلا الخيل، ورب بلد لا يصلح فيه الخيل سلاحا ولا قوة.
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:
الخيل رمز للقوة والقدرة الحربية ، وهكذا كانت في عصر النبوة.
وخيلنا اليوم هي المدرعات والدبابات ونحوها ، فهي التي ترهب عدو الله وعدونا ، كما جاء في القرآن الكريم : ((وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ) (الأنفال : 60)) . وان كان للخيل مواقع معينه قد تقيد فيها أكثر من المدرعات.
وأما (رباط الخيل) فيقصد به المركبات المطلوبة للقتال ، وهي تتطور من عصر إلى عصر. وقد كانت الخيل في العصور الماضية : أعظم أنواع المركبات الميسرة للناس، وهي تضيف إلى صاحبها قوة لا يملكها المقاتل الراجل.
فلا عجب أن جاءت الأحاديث النبوية – وجاء قبلها القرآن – منوهة بفضل الخيل وأثرها في الجهاد في سبيل الله.
ففي القران سورة عن ( الخيل ) وهي سورة ( العاديات ) من السور المكية، وفيها اقسم الله تعالى ب( العاديات ضبحا ) . وإذا أقسم الله بشيء من مخلوقاته ، فذلك ليلفت أنظارنا إلى فائدته وأهميته.
قال أبو عبد الله الحليمي رحمه الله: ذهب ابن عباس ، ومن بعده : عكرمة ومجاهد وعطية وأبو الضحى وقتادة إلى أن القسم في قوله تعالى : ( والعاديات ضبحا ، فالموريات قدحا ، فالمغيرات صبحا) : وقع على الخيل التي يغزى عليها، ويغار بها على العدو.
ومما جاء في القران حديثه عن خيل سليمان عليه السلام ، وعنايته بها وحَدَبه عليها ، وهو ما ذكر في سورة (ص) في قوله تعالى : (وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ): 30-33.
ومما جاء في السنة في فضل الخيل التي تقنى للجهاد :
عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من احتبس فرسا في سبيل الله إيمانا بالله وتصديقا بوعده ، فان شبعه ، وريه ، وروثه ، وبوله في ميزانه يوم القيامة" –يعني حسنات – رواه البخاري ، والنسائي، وغيرهما.
عن أبى هريرة رضي الله عنه قال : قيل : يا رسول الله : فالخيل؟ قال:"الخيل ثلاثة : هي لرجل وزر، وهي لرجل ستر ، وهي لرجل أجر … " الحديث. رواه البخاري ، ومسلم واللفظ له.
وعن رجل من الأنصار رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الخيل ثلاثة : فرس يرتبطه الرجل في سبيل الله – عز وجل – فثمنه أجر، وركوبه أجر ، وعاريته أجر ، وفرس يغالق عليه الرجل ويراهن ، فثمنه وزر ، وركوبه وزر ، وفرس للبطنة ، فعسى أن يكون سدادا من الفقر إن شاء الله " رواه احمد، ورجاله رجال الصحيح.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" الخيل ثلاثة: فرس للرحمن ، وفرس للإنسان ، وفرس للشيطان ، فأما فرس الرحمن فالذي يرتبط في سبيل الله – عز وجل - ، فعلفه وبوله وروثه – وذكر ما شاء الله - ، و أما فرس الشيطان فالذي يقامر عليه ويراهن ، و أما فرس الإنسان فالفرس يرتبطها الإنسان يلتمس بطنها ، فهي ستر من فقر " . رواه احمد أيضا بإسناد حسن.
وعن سهل بن الحنظلية ، وهو سهل بن الربيع بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "المنفق على الخيل كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها " . (رواه أبو داود.
وعن عروة بن أبى الجعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الخيل معقود في نواصيها الخير : الأجر والمغنم إلى يوم القيامة " . رواه البخاري ، ومسلم، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه.
خيل العصر:
عني القرآن والسنة جميعا، برباط الخيل، واحتباس الخيل في سبيل الله، وتضميرها وإعدادها لمعارك الجهاد، حتى جعل الرسول في قسمة الغنائم للراجل (الماشي) سهما واحدا، وللفارس (راكب الخيل) ثلاثة أسهم: سهم له، وسهمان لفرسه.
ذلك أن الخيل كانت هي مَرْكبات ذلك العصر في الحرب، ولكن في عصرنا تغير الحال، فلم تعد الخيل مهمة في القتال إلا في نطاق محدود جدا، في بعض المواقع، ومن هنا كانت خيل عصرنا هي: الدبابات والمجنزرات والمصفحات وسائر المركبات التي أصبحت تستعمل في الحروب اليوم، وغدا الذين يحسنون استخدامها هم فرسان عصرنا.
فكل ما قيل في رباط الخيل ونضله يقال في خيل عصرنا ومركباته.
والله أعلم
مواقع النشر (المفضلة)