[frame="1 98"]
في ظل هذاالتخبط الذي أصاب مجتمعنا وأذواقنا في جميع المجالات حتى وصل إلى الشعر والأدب كان لا بد من العودة إلى الشعراء السابقين حتى نستسق من رحيقهم العطر في الأدب عمومًا وفي الشعر العربي خصوصًا ، هذه قصيدة اخترتها للشاعر الكبير وأمير الشعراء أحمد شوقي لعلها تعيدنا إلى ذلك الأدب الراقي ، هذه القصيدة شدت بعضها سيدة الغناء العربي أم كلثوم وأنشد بعض أبياتها المنشد عماد رامي فأتمنى أن تحظى برضاكم.
يقول أحمد شوقي :
سَلو قَلبي غَداةَ سَلا وَثابا ............. لَعَلَّ عَلى الجَمالِ لَهُ عِتابا
وَيُسأَلُ في الحَوادِثِ ذو صَوابٍ ....... فَهَل تَرَكَ الجَمالُ لَهُ صَوابا
وَكُنتُ إِذا سَأَلتُ القَلبَ يَوماً .......... تَوَلّى الدَمعُ عَن قَلبي الجَوابا
وَلي بَينَ الضُلوعِ دَمٌ وَلَحمٌ .......... هُما الواهي الَّذي ثَكِلَ الشَبابا
تَسَرَّبَ في الدُموعِ فَقُلتُ وَلّى ........ وَصَفَّقَ في الضُلوعِ فَقُلتُ ثابا
وَلَو خُلِقَت قُلوبٌ مِن حَديدٍ ......... لَما حَمَلَت كَما حَمَلَ العَذابا
وَأَحبابٍ سُقيتُ بِهِم سُلافاً ........... وَكانَ الوَصلُ مِن قِصَرٍ حَبابا
وَكُلُّ بِساطِ عَيشٍ سَوفَ يُطوى ....... وَإِن طالَ الزَمانُ بِهِ وَطابا
كَأَنَّ القَلبَ بَعدَهُمُ غَريبٌ ............ إِذا عادَتهُ ذِكرى الأَهلِ ذابا
وَلا يُنبيكَ عَن خُلُقِ اللَيالي ............ كَمَن فَقَدَ الأَحِبَّةَ وَالصَحابا
أَخا الدُنيا أَرى دُنياكَ أَفعى............. تُبَدِّلُ كُلَّ آوِنَةٍ إِهابا
وَمِن عَجَبٍ تُشَيِّبُ عاشِقيها............ وَتُفنيهِمِ وَما بَرَحَت كَعابا
فَمَن يَغتَرُّ بِالدُنيا فَإِنّي .............. لَبِستُ بِها فَأَبلَيتُ الثِيابا
لَها ضَحِكُ القِيانِ إِلى غَبِيٍّ ............ وَلي ضَحِكُ اللَبيبِ إِذا تَغابى
جَنَيتُ بِرَوضِها وَرداً وَشَوكاً ........... وَذُقتُ بِكَأسِها شُهداً وَصابا
فَلَم أَرَ غَيرَ حُكمِ اللَهِ حُكماً ............. وَلَم أَرَ دونَ بابِ اللَهِ بابا
وَلا عَظَّمتُ في الأَشياءِ إِلّا ............ صَحيحَ العِلمِ وَالأَدَبِ اللُبابا
وَلا كَرَّمتُ إِلّا وَجهَ حُرٍّ ............ يُقَلِّدُ قَومَهُ المِنَنَ الرَغابا
وَلَم أَرَ مِثلَ جَمعِ المالِ داءً ............ وَلا مِثلَ البَخيلِ بِهِ مُصابا
فَلا تَقتُلكَ شَهوَتُهُ وَزِنها .............. كَما تَزِنُ الطَعامَ أَوِ الشَرابا
وَخُذ لِبَنيكَ وَالأَيّامِ ذُخراً .............. وَأَعطِ اللَهَ حِصَّتَهُ اِحتِسابا
عَجِبتُ لِمَعشَرٍ صَلّوا وَصاموا .......... عَواهِرَ خِشيَةً وَتُقى كِذابا
وَتُلفيهُمُ حِيالَ المالِ صُمّاً .............. إِذا داعي الزَكاةِ بِهِم أَهابا
تَعِبتُ بِأَهلِهِ لَوماً وَقَبلي ................ دُعاةُ البِرِّ قَد سَئِموا الخِطابا
وَلَو أَنّي خَطَبتُ عَلى جَمادٍ .............. فَجَرتُ بِهِ اليَنابيعَ العِذابا
أَلَم تَرَ لِلهَواءِ جَرى فَأَفضى ............... إِلى الأَكواخِ وَاِختَرَقَ القِبابا
وَأَنَّ الشَمسَ في الآفاقِ تَغشى ............. حِمى كِسرى كَما تَغشى اليَبابا
وَأَنَّ الماءَ تُروى الأُسدُ مِنهُ ............... وَيَشفي مِن تَلَعلُعِها الكِلابا
وَسَوّى اللَهُ بَينَكُمُ المَنايا ................ وَوَسَّدَكُم مَعَ الرُسلِ التُرابا
وَأَرسَلَ عائِلاً مِنكُم يَتيماً .................... دَنا مِن ذي الجَلالِ فَكانَ قابا
تَفَرَّقَ بَعدَ عيسى الناسُ فيهِ .................. فَلَمّا جاءَ كانَ لَهُم مَتابا
وَشافي النَفسِ مِن نَزَعاتِ شَرٍّ .................... كَشافٍ مِن طَبائِعِها الذِئابا
وَما نَيلُ المَطالِبِ بِالتَمَنّي ....................... وَلَكِن تُؤخَذُ الدُنيا غِلابا
وَعَلَّمَنا بِناءَ المَجدِ حَتّى .................... أَخَذنا إِمرَةَ الأَرضِ اِغتِصابا
وَما اِستَعصى عَلى قَومٍ مَنالٌ .................... إِذا الإِقدامُ كانَ لَهُم رِكابا
تَجَلّى مَولِدُ الهادي وَعَمَّت ...................... بَشائِرُهُ البَوادي وَالقِصابا
وَأَسدَت لِلبَرِيَّةِ بِنتُ وَهبٍ ........................ يَداً بَيضاءَ طَوَّقَتِ الرِقابا
لَقَد وَضَعَتهُ وَهّاجاً مُنيراً ......................... كَما تَلِدُ السَماواتُ الشِهابا
فَقامَ عَلى سَماءِ البَيتِ نوراً ...................... يُضيءُ جِبالَ مَكَّةَ وَالنِقابا
أَبا الزَهراءِ قَد جاوَزتُ قَدري ..................... بِمَدحِكَ بَيدَ أَنَّ لِيَ اِنتِسابا
فَما عَرَفَ البَلاغَةَ ذو بَيانٍ ......................... .. إِذا لَم يَتَّخِذكَ لَهُ كِتابا
مَدَحتُ المالِكينَ فَزِدتُ قَدراً ...................... فَحينَ مَدَحتُكَ اِقتَدتُ السَحابا
وَما لِلمُسلِمينَ سِواكَ حِصنٌ ..................... إِذا ما الضَرُّ مَسَّهُمُ وَنابا
كَأَنَّ النَحسَ حينَ جَرى عَلَيهِم ...................... أَطارَ بِكُلِّ مَملَكَةٍ غُرابا
بَنَيتَ لَهُم مِنَ الأَخلاقِ رُكناً ........................ فَخانوا الرُكنَ فَاِنهَدَمَ اِضطِرابا
فَلَولاها لَساوى اللَيثُ ذِئباً .................... وَساوى الصارِمُ الماضي قِرابا
وَفي هَذا الزَمانِ مَسيحُ عِلمٍ ................... يَرُدُّ عَلى بَني الأُمَمِ الشَبابا
[/frame]
مواقع النشر (المفضلة)