الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مَن لا نبيَّ بعده، اللهم أعن وسدِّد.

أما بعد:
فقد وصلتني أمسِ رسالةٌ مفادُها: أنَّ فريقَ كرة قدمٍ ألمانيًّا مشهورًا على صعيد أوربا جعل اسمَ محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - في نشيده الرَّسمي؛ استهزاءً به، وبعدَ التأكُّد والتثبُّت وسماعي للنشيد رأيتُ أنه من واجبي عدمُ السكوت عن مثل هذا الفعل الشائن، ومَن أراد التأكُّد من ذلك، فعليه زيارة هذا الرابط:
http://www.schalke04.de/club_song.html

والعجيب أنِّي رأيتُ تاريخَ تأليف النشيد 1963م بالنسخة الألمانية، وأمَّا بالنسخة الإنجليزية، فقد كُتِبَتْ 1924م، وبعدَ البحث والسبر ترجَّحَ عندي أنَّ التاريخَ الذي كُتِبَت فيه هذه الأبياتُ هو 1924م، فهم يَجترئون على نبيِّنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - منذ ذلك الوقت القديم، ولربَّما رفع بعضُ المسلمين من مُشجِّعيهم شعارَهم وأعلامَهم، وهم يُغَنُّون تلك الكلمات، وهو لا يدري.

ومفادُ ما قالوه: أنَّ محمَّدًا كان نبيًّا لا يفهم في كرة القدم شيئًا، هكذا جعلوا مثل هذه العبارة في نشيدِهم.

سبحانَ الله! وما دخْلُ نبيِّنا - صلَّى الله عليه وسلَّم – في نشيدهم؟! ولكنه الحقد الدَّفين على الإسلام والمسلمين، أبَى الله إلاَّ أن يُظهر حقدَهم على ألسنتهم؛ {وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} [آل عمران: 118].

الذي أدهشني أنِّي - بعد البحث - قرأتُ لبعض كُتَّابِهم ردًّا على أحد المعترضين المسلمين، يقولون فيه كالعادة: إنَّ هذه حرية، وإنَّ هذا المعترِضَ متشدِّدٌ دِينِيًّا، والأمر لا ينبغي فيه التشدُّد إلى هذه الدرجة، وهكذا.

باختصار، أُعلِّق على هذا الحدث بما يلي:
أولاً: إنَّ هذا الفعلَ يُوصفُ بالتعدي والوحشيَّة، ويُظهرُ ما بنفوس القوم من وحشيَّة وهمجية، يُخفيها جُبنهم وخَوَرُهم عن أعين الناس.

وردًّا على مَن يقول: إنَّها فعلة واحد منهم؛ نقول: أَوَلَيس مشجِّعو هذا الفريق البائس يُنشدُون هذا النشيد أيضًا منذُ زمان طويل؟!

ثانيًا: على كلِّ مَن استطاع الكتابةَ أن يكتبَ لهم، ويُراسلهم بالإنجليزية، مطالبًا إيَّاهم إزالةَ اسم رسولنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - من هذه المهزلة، ونُريدُ كتاباتٍ معقولةً تُظهِرُ حبنا لنبيِّنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - وتُظهر أن الذي فعلوه إنَّما هو فعلٌ شائن، وإرهابٌ وتَعَدٍّ، ولا نُريد سَبًّا، أو تجريحًا، أو هوجاءَ، أو فوضى، ليس احترامًا لهم، لا، ولكنْ انطلاقًا من قوله - تعالى -: {وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 108].

وهذا هو عُنوانُهم الإلكتروني:
( تم حذف البريد لأن عرضه مخالف لشروط المنتدى )

فإذا تكاتف المسلمون في كلِّ مكان فسيعلمون أنَّ الأمر جِدُّ خطير.

ثالثًا: علينا الرجوعُ إلى الله - سبحانه وتعالى - والتوبةُ الخالصة لوجهه، والرجوع إلى كلامه، واتِّباع قرآنه وسنَّة نبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - فما تُعانيه أُمَّتُنا إنما هو بسبب بُعدِها عن منهج الله ورسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم.

رابعًا: علينا بالدعاء للمسلمين بالنَّصر والوَحدة، وعلى الكفار المعتدين بالذِّلة والفُرْقة.

خامسًا: علينا أنْ نَعِيَ حقيقةَ واقعنا، وأن نُدركَ حقيقةَ ما يُجرَى ويُحاك لهذه الأُمَّة من مؤامرات واقعيَّة، ولا يكون ذلك إلاَّ بالوقوف على حقائق القوم وأفكارِهم ومعتقداتِهم، والرد عليهم بالحُجَّة والبرهان، لا بالظلم والعدوان.

شبابُ المسلمين سائرون إلى الضَّياع، منهم مَن هو مشغولٌ بالكرة وتتبُّعِ أخبار اللاعبين، والتَّعرُّفِ على سِيَرهم، ومنهم مَن هو مشغولٌ بالأغاني والمطربين وأخبارهم، ومنهم مَن هو مشغولٌ بالأفلام، ومنهم... ومنهم... أهذا هو الجيلُ الذي سيحملُ رايةَ لا إله إلا الله؟!

ثم هم مشغولون بأخبار هؤلاء، وغرَّتْهُم ابتساماتُهم وكلامُهم المعسول، وهم لا يعلمون حقيقتُهم وواقعُهم.

سادسًا: علينا تَعَلُّمُ عقيدةِ الولاء والبراء؛ من أجل تعلُّمِ أحكام معاملة الكفار وأهلِ الذِّمَّة، بلا إفراطٍ ولا تفريط.

سابعًا: علينا بالتَّوحُّد وشدِّ أَزْرِ بعضِنا البعض، فمَن كان ذا مال وشركاتٍ، فعليه بتشغيل المسلمين، بدلاً من أن يَستقدِمَ الكفارَ، ويجعلَهم في أعالي المناصب، ولا حجةَ لمن قال: إنهم أهلُ خبرة وعلم، فكثيرٌ من أبناء المسلمين الذين تخرَّجُوا من أوربا مثلاً وغيرها - لا يَجدُون عملاً في الدُّول الإسلاميَّة، مع أنهم تخرجوا بمعدَّلات أعلى من معدلات هؤلاء.

ثامنًا: على الشعوب أن تصحُوَ من غفلتها، وألاَّ تتعاملَ مع هؤلاء الكفار إلا بعزَّة الإسلام، مِن غير كِبْر أو تجريح، فَتَبًّا للسياحة التي أفقدتنا عِزَّنا وشموخَنا، ومرَّغتْ أنوفَنا في التراب! وهذا إنَّما هو جزاءٌ من جنس العمل، فإنَّ الذين قبَّلُوا الأيادي البيضاء، والعيون الزرقاء، صُبَّ عليهم الذُّلُّ، حتى أوصل أنوفهم إلى قاع الثَّرَى.

تاسعًا: لا تعملْ ببعض رسالتي، وتُلقِي بالباقي خلف ظهرِك، فنحن لا ندعو إلى الغُلوِّ والتطرف، ولا ندعو كذلك إلى الجفوة والتَّسامُح على حساب الدِّين والنَّبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم.

عاشرًا: عليكم بالمقاطعة حسيًّا ومعنويًّا، فنحن نعلم أن بعضَ العلماء الأفاضل لم يُوجبوا المقاطعةَ، ولكنَّهم لم يُحرِّمُوها أيضًا، فليس من الضَّروريِّ - يا أخي - أن تشربَ (البيبسي) و(الكوكاكولا) و(الستار بكس)، وأن تأكلَ (الماكدونالدز) وغيرها، فقاطعْ على حسب قدرتك.

الحادي عشر: علينا أن نَعِيَ كُرْهَ هؤلاء للإسلام والمسلمين، حتى وإن كان منهم عَلْمانيُّون كُثُر، لا يُفرِّقون بين المسلم والنصراني، إلاَّ أن هؤلاء عند الجِدِّ سوف يقفون في صفوف آبائهم وأجدادهم، ولن يتورَّعوا عن سبِّ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - والإسلام، فالواجبُ علينا كأفراد أن نعتزَّ بديننا وشعائرِنا وألاَّ نترك منه شيئًا إرضاءً لهؤلاء، لا حجابَ، ولا لِحيةَ، ولا صلاةَ، ولا حديثَ في الدين والجهادِ، ولا غيرها من شعائر الله، نترُكُه إرضاءً لأعداء الله، ثُمَّ إنَّ علينا دعوتَهم والمحاولةَ لتكثير سواد المسلمين المؤمنين حقًّا، وعلينا التَّصدِّي لشُبَهِهِم، وكشفِ حقائقِهم للناس الغَفَلَة، فهذه ليستِ المرة الأُولى التي يفعلون بها مثلَ هذا، وليستِ الأخيرة أيضًا، فنحن نُريدُ أنْ نخرج من نطاق الاكتفاء بالرَّدِّ، ومطالبة الاعتذار، ونثر الأشعار، بل علينا أن ندخلَ دائرة الفعل، واللُّجُوءِ الصادق إلى الله – تعالى.

اللَّهُمَّ نتوجَّهُ إليك ونلجَأ إليك، وبك نُحاول، وبك نُقاتل، وبك نُنَازل، اللَّهمَّ أعِزَّ الإسلام والمسلمين، ورُدَّنا إليك ردًّا جميلاً، وأذِلَّ الشرك والمشركين، وشتِّتْ شملَهم، وانصرنا بالرعب يا رب الأرباب.

وصلِّ اللهمَّ وسلَّم على خير الأنام، وآله وصحبه الأعلام، ومَن تَبِعَهم تباع الكرام.


شكرا لكاتب المقالة فادي نضال عمر