هل خطر ببالك أن تتعرف على مدلول حديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: ((إماطة الأذى عن الطريق صدقة))؟
وقد أخبر النبي أن إماطة الأذى عن الطريق من شعب الإيمان وأسباب دخول الجنان، وأنها من أنواع الصدقة والإحسان، وأن وضع الأذى في الطريق من أعظم الإساءة والعصيان ومن أسباب اللعنة والخذلان. عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله علية وسلم: { الإيمان بضع وستون - أو سبعون - شعبة، أعلاها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان } [رواه مسلم والبخاري وغيرهما].
ولكن هل قصد نبيُّنا الكريم بإزالة ورفع الأذى عن الطريق تنقية وتنظيفًا له من القاذورات فقط، أو أنه - عليه الصلاة والسلام - قصد به أشياء أخرى، وهو الذي قال عن نفسه - صلوات ربي وسلامه عليه -: ((أوتيت جوامع الكلم))؟
لقد قصد - عليه السلام - إزالة كل أذًى عن الطريق، سواء أكان هذا الأذى أذًى حسيًّا؛ كالقاذورات، أم أذًى معنويًّا؛ كالأفعال التي تزري بهذا الشارع، وتؤذي المارةَ فيه، سواء أكانت كلامًا أم أفعالاً نابية، لا يرضاها الحسُّ السليم، والذوق العام.
فهل آن لنا نحن - المسلمين - الذين أُمرنا بإطاعة ما أمرنا به رسولنا الكريم؟ فقد قال رب العزة: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [المائدة: 92]، فتَحْسُن وتصفو بذلك حياتنا، والله الموفق لسواء السبيل.لطالما نبَّه المربُّون وأولو الرأي في مجتمعنا إلى هذا الحديث، وأشاروا إليه، ولكن الاستجابة إليه كانت قليلة؛ بل قل: نادرة، فقلَّما ترى طفلاً يقوم بتطبيق هذا القول الشريف عمليًّا؛ نظرًا لأنه لا يرى كبير اهتمامٍ مِن والديه به - هذا إذا لم ينهَ أحدُهما طفلَه عن تطبيقه - فترى الطفل - وبلا قصد منه - يصرف اهتمامه كليًّا أو جزئيًّا عن هذا الأمر، مع إشارتنا إلى ميل الصغار لتقليد الكبار في تصرفاتهم وأعمالهم.
محمد رائد العطائي
مواقع النشر (المفضلة)