+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: الصوم للمسافر

  1. #1
    ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute الصورة الرمزية ابو مالك
    تاريخ التسجيل
    20 / 03 / 2007
    الدولة
    الأردن
    العمر
    51
    المشاركات
    6,574
    معدل تقييم المستوى
    7072

    افتراضي الصوم للمسافر

    بسم الله الرحمن الرحيم


    الصوم للمسافر
    الشيخ محمد صفوت نور الدين



    عن عائشة[1]- رضي الله عنها - أن حمزة بن عمرو الأسلمي[2] قال للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: أأصوم في السفر؟ - وكان كثير الصيام - قال: ((إن شئت فصم وإن شئت فأفطر))؛ والحديث رواه الجماعة من رواية عائشة تحكي عن حمزة - رضي الله عنهما - بينما جاء الحديث في "مسلم" وغيره برواية حمزة يحدِّث عن نفسه، فالحديث في مسند عائشة وفي مسند حمزة أيضًا.

    لما كان السفر غالبًا فيه المشقة خفَّف ربُّ العزة - سبحانه - بعض التكليفات؛ من ذلك رخصة الفطر في نهار رمضان، وهي مستحبة لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ليس من البرِّ الصيام في السفر))، وهذه الرخصة لا تقتصر على من نالته المشقة في السفر فحسب، بل هي له ولمن لم يشقَّ عليه السفر، ورخصة الفطر في السفر ثابتة بقوله - تعالى -: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185].

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
    الفطر للمسافر جائز باتفاق المسلمين، ثم قال: ومن قال: إن الفطر لا يجوز إلا لمن عجز عن الصيام فإنه يستتاب، وكذلك من أنكر على المفطر، ثم قال: ومن قال: إن المفطر عليه إثم فإنه يستتاب من ذلك، فإن هذه الأحوال خلاف كتاب الله، وخلاف سنة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وخلاف إجماع الأمة، انتهى بتصرف يسير من "مجموع الفتاوى"[3].

    وقد أجمع العلماء على الفطر في سفر الطاعة، كالحجِّ والجهاد، وصلة الرحم، وطلب المعاش، ورجحوا الفطر في سفر التجارات والمباحات، أما سفر المعصية فاختلفوا في جواز الفطر فيه فقال القرطبي: المنع أرجح، وقال الشيخ صالح بن حميد في رفع الحرج: إن الفقهاء - رحمهم الله - نبهوا إلى حكم الأخذ برخص السفر وتخفيفاته في سفر المعصية، فلو سافر إنسان لقطع الطريق، أو لقتل نفس بغير حق، أو لإرهاب المسلمين والتمرُّد عليهم، أو من أجل لَهْوٍ محرم، فهل له أن يترخص ويأخذ بأحكام السفر، من قصر للصلاة المفروضة وفطره في رمضان، ونحو ذلك؟

    ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنه لا بدَّ في السفر أن يكون مباحًا، فليس لمن سافر سفر معصية أن يقصر الرباعية، أو أن يفطر في رمضان، أو يمسح أكثر من يوم وليلة، ونحو ذلك من أحكام السفر.

    قالوا: لأن الرخص لا يجوز أن تتعلق بالمعاصي، وفي جواز الترخص إعانة على المعصية، وإذا أراد أن يأخذ بأحكام السفر - نظرًا لشدة المشقة اللاحقة به - فليتُبْ ثم يترخَّص.

    غير أنهم فرَّقوا بين من سافر سفر معصية أو سافر سفرًا مباحًا لكنه أتى فيه بمعصية، كما لو شرب في السفر المباح خمرًا، وقد عبَّروا عن الأول بأنه معصية بالسفر، أما الثاني فهو معصية في السفر، فنفس السفر ليس معصية ولا إثمًا، فتباح الرخص؛ لأنها منوطة بالسفر وهو في نفسه مباح، انتهى.

    وهذا القول يجعل العاصية لزوجها بالسفر، أو العاق لوالديه بالسفر، أو المسافر ليقيم في بلاد الكفر لغير غرض مشروع، وكل من كان عاص بسفره - أن يتذكر لعله يتوب ويرجع.

    وقال القرطبي: " اتفق العلماء على أن المسافر في رمضان لا يجوز له أن يبيِّت الفطر؛ لأن المسافر لا يكون مسافرًا بالنية بخلاف المقيم"؛ انتهى.

    فيفطر المسافر - إن شاء - في يومه الذي سافر فيه أو يصوم، ويمكنه أن يفطر في داره قبل الخروج، فإن طرأ له طارئ منعه من السفر فليس عليه إلا قضاء اليوم، وقال الحسن البصري: يفطر - إن شاء - في بيته يوم يريد أن يخرج.

    واختلف العلماء في الأفضل منها الفطر أو الصوم في السفر؛ وذلك للحديث المتفق عليه عن أنس قال: سافرنا مع النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في رمضان فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم.

    وروى مسلم عن أبي سعيد الخدري وجابر بن عبدالله قالا: سافرنا مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فيصوم الصائم ويفطر المفطر، فلا يعيب بعضهم على بعض.

    أما قول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ليس من البرِّ الصوم في السفر))، فلا يحتجُّ به على منع الصوم في السفر لأمور منها:
    أولاً: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال ذلك لما رأى زحامًا ورجلاً قد ظلل عليه، فقال: ((ما هذا؟))، قالوا: صائم، فقال: ((ليس من البر الصوم في السفر)).
    ثانيًا: حديث ((الصائم في السفر كالمفطر في الحضر))؛ أخرجه ابن ماجه عن ابن عمر، وهو حديث ضعيف لا يحتجُّ به.
    ثالثًا: أخرج مسلم في "صحيحه" من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: سافرنا مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى مكة ونحن صيام، قال: فنزلنا منزلاً، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنكم قد دنوتم من عدوِّكم والفطر أقوى لكم فأفطروا))، فكانت رخصة، فمنَّا من صام ومنَّا من أفطر، ثم نزلنا منزلاً آخر، فقال: ((إنكم مصبِّحو عدوكم، والفطر أقوى لكم فأفطروا))، وكانت عزمة فأفطرنا، ثم قال: لقد رأيتنا نصوم مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بعد ذلك في السفر.
    رابعًا: حديث أبي الدرداء في "الصحيحين" قال: خرجنا مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في شهر رمضان في حرٍّ شديد، حتى إن كان أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحرِّ، وما فينا صائم إلا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وعبدالله بن رواحة.
    لكن ننبِّه إلى أن هذا الحديث لا يصلح ناسخًا للنهي عن الصوم؛ لأن حديث أبي الدرداء سابق على حديث: ((ليس من البرِّ الصوم في السفر))؛ لأن عبدالله ابن رواحة مات - رضي الله عنه - في غزوة مؤتة، والحديث الذي ورد بالنهي - حديث أبي الدرداء - في غزوة الفتح وكلاهما في عام واحد، لكن مؤتة قبل الفتح، ولا يحمل الحديث على غزوة بدر، لأن أبا الدرادء لم يكن حينئذٍ قد أسلم.
    خامسًا: قال الشافعي - رحمه الله -: نفيُ البرِّ المذكور في الحديث محمول على من أبى قبول الرخصة.

    وقد جاء في رواية النسائي: ((ليس من البرِّ أن تصوموا في السفر، وعليكم برخصة الله التي رخص لكم فاقبلوا))؛ والحديث رواه النسائي عن جابر - رضي الله عنه، وقال الألباني: صحيح.

    قال ابن حجر: "فالحاصل أن الصوم لمن قوي عليه أفضل من الفطر، والفطر لمن شقَّ عليه الصوم أو أعرض عن قبول الرخصة أفضل من الصوم، وإن لم تتحقق المشقة يخيَّر بين الصوم والفطر". انتهى.

    غزوة الفتح وصوم رمضان:
    قد غزا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بدرًا، وفتح مكة في رمضان، ورجع من تبوك في رمضان، وكانت غزوة الفتح في رمضان من العام الثامن للهجرة حيث خرج رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من المدينة في رمضان، فمضى صائمًا، والناس معه صيام، حتى بلغ عسفان، قيل له: يا رسول الله، إن الصوم قد شقَّ على الناس، وهم ينظرون إليك، فركب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - راحلته ثم أتي بقدح من لبن أو ماء، فشرب فأفطر الناس، ثم نزل بعد ذلك بهم منزلاً، فقال: ((إنكم قد دنوتم من عدوِّكم والفطر أقوى لكم))، فعلم الناس أنها رخصة؛ أي: وقد اقتربوا من العدو، فقال لهم: ((إنكم مصبحون بعدو والفطر أقوى لكم فأفطروا))، فلما سمعوا ذلك علموا أنه إلزام فأفطروا؛ وذلك لأنهم جمعوا بين السفر والجهاد.

    لذلك فإنه لما سمع بعد ذلك ببعض من لا يزالون صائمين، قال: ((أولئك العصاة، أولئك العصاة))، فلما رأى رجلاً يظلون عليه قال: ((ما بال هذا؟))، قالوا: صائم، فقال: ((ليس من البرِّ الصوم في السفر)).

    يُعلم بهذا أمورٌ:
    منها: أن أحكام الصوم - ككثير من أحكام الشريعة - علَّمها رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لأصحابه في الغزوات، فليُتدبر ذلك، فالجهاد لا يمنع من تعلُّم شرع الله ودينه، وهذا باب هام لو تدبَّره الناس لعرفوا أن العلم لا يُقدَّم عليه شيء، بل هو المقدَّم على كلِّ شيء.
    ومنها: أن المسلم إنما يجاهد بالإيمان، وأن النصر ينزله الله على المؤمنين، أما العدة والعتاد والخطط، فهي أسباب نأخذ بها مع الحرص على العبادة والدعاء والإخلاص فيها، فينصر الله بذلك ويجعل الأسباب ناجعة.
    ومنها: أن السفر وإن كان مبيحًا للفطر وحده، إلا أن الجهاد قد يجعل الفطر متعينًا؛ لأنه قوة.
    ومنها: فهم الصحابة الكرام والعلماء للرخص والعزائم من الألفاظ الشرعية، فلمَّا قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الفطر أقوى لكم))، علموا أنها على سبيل التخيير، ولما أمرهم فأفطروا علموا أنها على الإلزام الواجب.
    ومنها: أن من صام حيث نهى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقد عصى حيث الجهاد والسفر، وأنهم مصبحون بعدو فليستعدوا.
    ومنها: أن المسافر إذا نوى الصيام، ثم بدا له أن يفطر، فله أن يفطر في أي وقت من يومه، أخذًا بالرخصة واقتداءً بالنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم.

    التفضيل بين الصوم والفطر في السفر:
    حاصل كلام أهل العلم: التخيير بين الصوم والفطر في السفر فرضًا ونفلاً، وإنما تكون العوارض المصاحبة هي التي تفيد ترجيحًا، فإن شقَّ الصوم، أو كان معرضًا عن الرخصة، أو احتاج لخدمة غيره، أو اشتهر بعمله فخاف الرياء، أو كان في جهاد، أو اقتدى به الضعيف الذي لا يطيق - كان الفطر في حقِّه أفضل.

    أما إن كان الصوم عليه يسيرًا، ويشقُّ عليه القضاء بعد، كان الصوم في حقِّه أفضل؛ لقول الله - عزَّ وجلَّ -: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]، ولما رواه أبو داود عن حمزة بن عمرو الأسلمي، أنه قال: يا رسول الله، إني صاحب ظهر أعالجه، أسافر عليه وأكريه، وأنه ربما صادفني هذا الشهر - يعني رمضان - وأنا أجد القوة، وأجدني أن أصوم أهون عليَّ من أن أؤخِّر فيكون دينًا عليَّ، فقال: ((أي ذلك شئت يا حمزة))، والحديث وإن ضعَّفه الألباني إلا أنه يستأنس به، لأن الدليل هو الآية الكريمة: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}، والله أعلم.




    ــــــــــــــــــــ
    [1] عائشة بنت أبي بكر الصديق أم المؤمنين، وأمها أم رومان، ولم يتزوج رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بكرًا غيرها، وهي أعلم النساء قاطبة، وأحب الزوجات إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - واختلف العلماء في أيهما أفضل: هي أم خديجة - رضي الله عنهما؟ كانت أفقه الناس، وقال الزهري: لو جمع علم عائشة إلى علم جميع الناس لكان علم عائشة أفضل، وقد ولدت في الإسلام، وهي أصغر من فاطمة بثماني سنين، توفيت سنة سبع وخمسين للهجرة، ولا يتسع الهامش للتعريف بها.
    [2] حمزة بن عمرو الأسلمي: صحابي جليل كان يسرد الصوم، وقد شهد فتح الشام، وكان هو البشير للصديق يوم أجنادين، وهو الذي بشر كعب بن مالك بتوبة الله عليه، فأعطاه ثوبيه، شهد فتح إفريقية مع عبدالله بن سعد، وقد روى البخاري في "التاريخ" بإسناد جيد عنه، أنه قال: كنا مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في ليلة مظلمة فأضاءت لي أصابعي حتى جمعت عليها كل متاع للقوم، وتوفي - رضي الله عنه - سنة إحدى وستين، وعمره إحدى وسبعون عامًا.
    [3] مجموع الفتاوى، (25/209)، وما بعدها.

     
  2. #2
    كوووكب is a splendid one to behold كوووكب is a splendid one to behold كوووكب is a splendid one to behold كوووكب is a splendid one to behold كوووكب is a splendid one to behold كوووكب is a splendid one to behold كوووكب is a splendid one to behold كوووكب is a splendid one to behold الصورة الرمزية كوووكب
    تاريخ التسجيل
    19 / 08 / 2009
    الدولة
    السودان
    العمر
    41
    المشاركات
    1,289
    معدل تقييم المستوى
    1581

    افتراضي رد: الصوم للمسافر

    بارك الله فيك

     
  3. #3
    ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute الصورة الرمزية ابو مالك
    تاريخ التسجيل
    20 / 03 / 2007
    الدولة
    الأردن
    العمر
    51
    المشاركات
    6,574
    معدل تقييم المستوى
    7072

    افتراضي رد: الصوم للمسافر

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كوووكب مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيك
    شكرا لمرورك العطر على مشاركتي أختي الفاضلة كوووكب

     

 
+ الرد على الموضوع

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك