بسم الله الرحمن الرحيم
أحبوا الله من قلوبكم
الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر
الحمد لله الذي اصطَفَى من خلقه عِبادًا يحبُّهم فيحبُّونه، ويأمرهم فيُطِيعونه، ويُنعِم عليهم فيشكرونه، وصلَّى الله وسلَّم على عبدِه ورسوله محمد أكمل الخليلَيْن خلَّةً، وأعظم العِباد لربهم محبَّةً، وعلى آله وأصحابه، الذين يحبُّهم الله ويحبُّونه، أذلَّة على المؤمنين أعزَّة على الكافِرين يُجاهِدون في سبيل الله ولا يخافون لومه لائم، ذلك فضل الله يُؤتِيه مَن يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
اللهم ربنا حبِّب إلينا الإيمان وزيِّنه في قلوبنا، وكَرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، فضلاً منك ونعمة، إنَّك أنت العليم الحكيم.
أمَّا بعد:
فإنَّ محبَّة العبد لربِّه - وفقَ ما جاءت به الشريعة المطهَّرة - من أفضل الطاعات وأجلِّ القربات، وهي للإيمان الصحيح من أعظم الثَّمرات، وعلى قوَّتِه وكماله من أظهَر البراهين وأصدق الآيات؛ ولذا شَهِدَ الله - تعالى - بها لخواصِّ خلقِه، وأثنى بها عليهم في مُحكَم آياته، وجعَلَها سببًا لما خصَّهم الله به من عظيم فضله، وجليل كرامته، وفي ذلك فليتنافَس المتنافِسون، فإنَّ لمحبَّة العِباد لربهم عَواقِب طيِّبة، وآثارًا مُبارَكة عاجلة وآجلة؛ منها:
1 - كمال اتِّباع النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - على ما جاء به من الهدى ودين الحق، وبذلك يستَكمِل العبد حظَّه من محبَّة الله - تعالى - له، ومغفرته لذنوبه، وفضل الله - تعالى - عليه؛ قال - تعالى -: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31].
2 - التحلِّي بالأوصاف التي يحبُّها الله - تعالى - وذلك بدَوَام فعلها خالِصَة لله - تعالى - وعلى الوجه الذي شرع، حتى تصبح تلك الأَوْصاف سَجايا لا تنفكُّ عن العبد في سائر أحواله؛ كالإيمان والصبر والتقوى والإحسان والشكر؛ فإن الله - تعالى - يحبُّ المؤمنين والصابرين والمتَّقِين والمحسنين والشاكرين، وقد وعَد اللهُ أهلَ هذه الأَوْصاف أجورًا عظيمة وعطايا كريمة.
3 - كَمال محبَّة العبد لربِّه استِكمالٌ لمحبَّة الله - تعالى - لعبده، ومَن كملَتْ محبَّة الله - تعالى - له حرَّمه الله على النار، وجعَلَه من مُجاوِرِيه في جنَّاتٍ تجري تحتها الأنهار؛ قال - تعالى -: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾ [القمر: 54 - 55]، وجاء في الصحيح أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((فإنَّ الله حرَّم على النار مَن قال: لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله))؛ لهذا كان لِزامًا على المسلم العاقل أن يستَكمِل أسباب زيادة محبَّته لربِّه حتى يفوز بمحبَّة الله، وعظيم مثوبته، وواسع فضله وكرامته.
مواقع النشر (المفضلة)