دخل حكيم حديقة مليئة بألوان من الزهر والورد، وجلس على مقعد في طرف بعيد يتأمل الناس فيها وما يفعلون !!
وبينما هو مستغرق في تأملاته لاحظ أنَّ كل من يقترب من وردة أو زهرة كان يشم عطرها مغمض العينين، ولاحظ أيضاً هذا مراراً وتكراراً بشكل يكاد يكون تصرفاً لا جدال فيه من كل الموجودين.
تساءل في نفسه عن السبب، لم َ يغمض كل هؤلاء الناس أعينهم عندما يشمون الورد؟؟!!
واستغرق بفكره شارداً عما حوله، وأبحر يمخر عباب التأمل علّه يجد تفسيراً مقنعاً لمَ رأته عيناه؟؟
ولكن عبثاً يحاول..
وفيما هو كذلك إذ اقتربت منه طفلة لم تتجاوز السادسة من عمرها وأعطته وردة كانت قد قطفتها، وأسرعت بعيداً عنه وهي تضحك.
نظر الحكيم إلى ما بيده مستغرباً، وبلا شعور منه رفع يده التي بها الوردة إلى أنفه وأخذ يشم عطرها مغمض العينين، منفصلاً عن الدنيا ومن فيها، فقط من أجل يشم عطر وردة.
فتبسم ضاحكاً من تصرفه تبسم من وجد بعد عناءٍ طويل جداً ضالته، وأدرك إدراكاً يقينياً أن المرء حتى يشعر بلذة الأشياء يجب عليه أن ينفصل عن واقعه وأن يركز تفكيره فيه حتى يصل إلى ما يريد.
فأخذ ورقة وقلماً وكتب:
إلى كل باحث عن الجمال
امن نفسك وقتاً لتستمتع به.
لتدرك أن سر شعورنا بالجمال لا يكمن في الجميل نفسه بل في أن نشعر نحن بجماله.
أيهــا الشــــــاكي وما بك داء
كن جميلاً ترى الوجود جميلا
ثم وضع الورقة على المقعد ومضى..
مواقع النشر (المفضلة)