ان الحج مدرسة تربوية اسلامية عظيمة فيها من القيم النبيلة والدروس النافعة المفيدة للفرد والمجتمع ولو بحثت في جميع انحاء الارض لن تجد مدرسة تجمع بين الدنيا والدين وبين التعليم والتربية‚ والتثقيف والارشاد والتوجيه وان وجدتها ألفيت مناهجها التربوية قاصرة عاجزة لا تفي بحاجات الانسان الفطرية والنفسية والروحية‚
وانك لو بحثت في جميع الدساتير الارضية فستجدها قاصرة ايضا في التربية والتقويم والاصلاح وهذا يرجع الى اعتماد اصحابها على عقولهم القاصرة الناقصة ومنطقهم المحدودة‚
والحج احد ينابيع السعادة الروحية وطريق تزكية النفس وتطهيرها والسمو بها الى مدارج الكمال وابعادها عن الركون الى الدنيا والتمسك بها‚
والانسان كما نعلم مادة وروح‚ فالمطالب المادية لها اعتبارها وقيمتها تبعا لخصائص جسم الانسان الذي خلقه الله تعالى فأبدع صنعه وأودع فيه دوافع وقوى وطاقات وحاجات ينبغي على المسلم ان يضعها في الحسبان ويعطيها اهميتها‚
والمطالب النفسية والروحية شأن عظيم ومكانة عالية اذ هي التي تحدد خصائص شخصية الانسان وصفاته السلوكية ومظاهر حركته الاجتماعية وانماط تفاعله مع الناس‚
والحج باعتباره وسيلة تربوية تؤدي دورا هاما في تغيير سلوك الانسان‚ واعلاء شأن الروح كي تكون في مقامها الصحيح الذي هو مقام القيادة والاشراف والتوجيه والارشاد‚
ونجد ان الحج بمعناه الكبير هو من التسامي النفسي‚ والشفافية الروحية والاتصال الوجداني بالبارئ العظيم‚ وهو تدعيم لقوة الروح التي تسيطر على مادية الجسم وهو ركيزة من ركائز الايمان‚ وركن من اركان الاسلام لمن استطاع اليه سبيلا‚ والذي يعود على الحاج بالاجر والثواب‚
قال الله تعالى: «وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتينا من كل فج عميق‚ ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في ايام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الانعام» «الحج اية 6»‚
والحج في حقيقة امره هو اجراء اصلاح اساسي في علاقة الانسان بربه فقد تراكمت عليه جملة من العلاقات الدنيوية والارتباطات الجاهلية‚ تدور اغلبها حول ظلم الانسان لنفسه ولغيره‚ والانسان في هذه الاجواء المظلمة يكاد ينسى ربه‚ إلا حين يركع تلك الركعات باستعجال شديد‚
والحج مدرسة تعلم المسلم كيف يصلح من نفسه ويصلح غيره‚ ويتسامح مع اهله واخوانه وجيرانه واصدقائه ومع الناس كافة‚ وهذا ما اكده حديث النبي# «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته امه» «رواه البخاري»‚ وبالله التوفيق
مواقع النشر (المفضلة)