بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...أما بعد
الأخوة من أسمى الروابط الإنسانية التي تجمع بين البشر وهذا الرابط لايقدره قدره إلا من فقده وقد ذكر المولى عز وجل في كتابه الكريم ثلاث أصناف من الأخوة تعالوا معي إخوتي الكرام نبحر في جنبات الذكر الحكيم نتعرف على هذه الأصناف الثلاثة:
الصنف الأول: أخوة النسب ذكره المولى عز وجل في مواطن كثيرة منها آيات الميراث كما في قوله تعالى:"يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا"
وقوله تعالى:"يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُن لَّهَآ وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ"
كذلك ذكرت أخوة النسب في مواضع كثيرة من سورة يوسف منها على سبيل المثال قوله تعالى:"فَلَمَّا رَجِعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"
كذلك ذكرت أخوة النسب في أكثر من موضع من قصة موسى عليه السلام مع فرعون:"وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا"
الصنف الثاني: أخوة الموطنة أ و الوطن وقد ذكرها المولى عز وجل في تسعة مواضع من كتابه الكريم.
منها قوله تعالى:"وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ"
وقوله تعالى:"وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ"
وقوله تعالى:"وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ"
الصنف الثالث: أخوة الدين وذكرت في مواضع كثيرة من كتاب الله منها قواله تعالى:"إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ"
وقوله تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ"
وقوله تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ"
وبعد إستعرضنا أصناف الأخوة من كتاب الله أيها أنفع لنا في الدنيا والآخرة؟؟؟
هل هي أخوة النسب قد تكون الإجابة بنعم لكنها مشروطة بتقوى الله وغير ذلك قال فيها المولى عز وجل:"يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ***وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ "
إذن هل هي أخوة المواطنة التي صارت وثناً يعبد من الدون الله كيف لا و قد أصرنا نرى من يوالي ويعادي في الوطن حتى ولو كان من يواليه أعدى أعداء الله ومن يعاديه من أولياء الله الصالحين.
كيف لا وقد أمرنا أن يكون حبنا وبغضنا في الله عزوجل:"لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"
ولو كانت تنفع هذه الأخوة لنفع هود عليه السلام عاد ولنفع صالح عليه السلام ثمود ولنفع شعيب عليه السلام أهل مدين.
إذن لم يبقى إلا أخوة الدين التي طالما أشاد بها المولى عز وجل في كتابه ووصف أهل الجنة بها:" وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ" وكانت من أوائل الأعمال التي قام بها المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بعد هجرته إلى المدينة بأن أخا بين المهاجرين والأنصار.
وفي موقف عظيم لم يمر في التاريخ مثله قبله ولا بعده تشققت لهوله السماء وتتابعت الأهوال على البشرية هناك ثلة يمسكون بأيدي بعضهم يستظلون في ظل عرش الرحمن وقد دنت الشمس من رؤس الخلاق ولا ظل في ذلك اليوم إلا ظل عرش الرحمن.
هل عرفتم منهم إخوتي الكرام!!!
إنهما رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه أسئل الله العلي القدير أن يجعلني وأياكم منهم.
قد يكون لكل منا إخوة في النسب ولكل منا إخوة في الوطن ولكن منا منا الذي لديه إخوة يحبهم في الله؟؟؟
من كان له إخوة في الله يحبهم ويحبونه فهنيئاً له وعليه بفعل كل مايقربه منهم ويحافظ على هذه الإخوة.
ومن لم يكن له إخوة في الله فليراجع نفسه ويسألها عن السبب هل هو لتقصير منه أو لجفوة في أخلاقه وليحرص على كل ما يحبب الناس فيه ويحببه فيهم.
ومن أعظم الأمور التي تحبب الناس في أحدنا:
1:- تقوى الله عز وجل وإتباع سنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم.
2 :- لين الجانب في التعامل والتخاطب.
3:- التغاضي عن زلات الآخرين.
4:- تقبل الرأي والرأي المخالف.
في الختام أسئل الله العلي القدير أن يجعلني وأياكم من المتحابين فيه وأن يظلنا في ظله يوم لاظل إلا ظله.
مواقع النشر (المفضلة)