بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب تقلب صفحاته باللمس 000 آية فيها إشارة إلى الكمبيوتر
لقد سأل الكفار أن ينـزل عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابًا من السماء حتى يؤمنوا، لجهلهم بالسماء، مع أن السماء لا تعطي كتبًا، 00 وما يريدونه هو كتاب مكتوب على جلد، أو عظم، أو سعف النخل، أو حجر، أو مما استعملوه، فهذا كل ما يعرفونه، ولا يتصورون غيره مما لم يعرفه البشر إلا بعد ذلك0
ولو أراد الله تعالى إنزال كتاب من عنده لأنزل كتابًا يتحيرون منه ويدهشون، على غير ما يعرفون من طرق الكتابة في زمانهم، ولا حتى يتصورونها في مخيلاتهم0
فما صفة هذا الكتاب ؟ يبين الله تعالى صفة هذا الكتاب في سورة الأنعام في قوله تعالى: (وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ(7)) الأنعام0
هذه الآية بينت ثلاث صفات للكتاب؛
- أنه في قرطاس،
- وأن التعامل معه باللمس،
- وأن من يشاهد ما فيه يوجب عليه القول بأن ما يراه هو من السحر، وليس حقيقة 00 لجهله بقدرة الله0
أما صفته أنه في قرطاس؛ فإن القرطاس هو الوعاء من ورق، وغيره، يوضع فيه بعض ما يخرج من الشيء ويفصل عنه، عند بيع القليل منه وليس كله، ويحبس الباقي في مكانه، والقراطيس معروفة في البقالات، حيث يوضع فيها ما يؤخذ من الكيس بقدر ما بيع منه، وفي المكتبات حيث يوضع فيه بعض الأوراق، وقد بين تعالى فعل بني إسرائيل في الكتاب الذي أنزل عليهم فقال تعالى: (وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91)) الأنعام0
فقد قسموا التوراة إلى أجزاء وأسفار، يظهرون ما يشاءون منها للناس، ويحبسون عندهم أكثرها لإخفائها عنهم0
وأما الصفة الثانية فهي أن التعامل مع الكتاب، وتقليب صفحاته، وطلب ما فيه من علم، وما هو مكتوب، يكون عن طريق اللمس باليد0
لعله يتبين لنا من هاتين الصفتين أن هذا الكتاب مختلف عن كل الكتب في ذلك الزمان، لكننا نعرف هذا الكتاب في زمننا الحاضر جيدًا ولا نجهله، إنه الحاسوب أو الكمبيوتر 00 فالنظام الذي يقوم عليه الحاسوب هو أننا نجزئ المعلومات التي ندخلها فيه، ونبوبها، ونجعل لها عناوين، وأسماء، فإذا أردنا استرجاعها أو الاطلاع على ما فيه فلا يظهر لنا إلا ما نطلبه، وهو بعض من كثير، ويظل الباقي عنا مخفيًا في بطنه، والتعامل معه لا يكون إلا عن طريق لمس لوحة المفاتيح المتصلة به، أو عن طريق اللمس، فتصله الأوامر مباشرة من خلال كوابل معدنية موصولة به، أو ترسل إليه الأوامر عن طريق الإشارات الكهرومغناطيسية، وهو أرقى ما استطاع الإنسان فعله0
لو عرض هذا الحاسوب على الناس في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ورأوا ما فيه، وشاهدوا الناس في أماكنهم يتحركون ويتحدثون فماذا هم فاعلون؟!
أو سمعوا منه تلاوة للآيات المكتوبة من القرآن الكريم مرتلة من قارئ مجيد للتلاوة بصوت حسن فماذا هم قائلون؟!
لقالوا بما أخبر به الله تعالى: (لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ(7)) الأنعام0
لماذا يحدثنا الله عز وجل عن هذا الكتاب الذي في قرطاس؟! وبهذا الوصف الذي جعله الله في آخر كتبه وخاتمها ولم يعرفه الناس من قبل؟
يحدثنا الله تعالى ليعرف الناس، ويتيقنوا أن الله الذي لا يغيب عنه شيء في الأرض، ولا في السموات، ولم يجهل ما سيحدثه الناس من أشياء كثيرة، لم تكن إلا بمعرفة من الله، وتوفيق منه، ليصلوا إلى صناعة الحواسيب وما دونها وما فوقها0
وهذه الآية التي تحدثت عن هذا الكتاب أو المرجع العجيب قد وضعت في سورة الأنعام، لأنها من أكبر النعم التي سهلت على الناس بلوغ ما لا يحلمون به من قبل، وأصبحت تجد على القرص الواحد الآلاف من الكتب الضخمة، والمراجع، والبحث عما تريد فيها تجده في ثوان أو دقائق قليلة0 ولو كان العرب هم أول الصانعين للحاسوب لسموه "المُقَرْطِس" أو "المُقَرْطَس"، لأن هذا هو وصفه الحقيقي، وليس كل عمله المطلوب منه إجراء الحسابات0
وقد ذكر في وصف اللوح المحفوظ والقلم الذي يكتب فيه بأن القلم من نور، والكتابة من نور 00 لقد علم سلفنا ذلك 00 لكن لم يعلموا ولم يتصوروا كيف يكون هذا 00 حتى جاء زماننا هذا فأخذ الناس يكتبون في الحاسوب بالنور، وبأقلام من نور، ويعرضون ما يكتب بالنور 000 وما عند الله أعظم من ذلك، ولكن الله يريد أن نتحقق من صدق ما يخبرنا به في الدنيا، أما في الآخرة فلا يكون هناك من يكذب، وكيف يكذب من يعاين بنفسه، وأم عينه كل شيء أخبر به في الدنيا عن الآخرة، وحتى لا يقول أحد إن كتاب الله قديم، واستُحدثت في الناس أمور كثيرة، فهذا الكتاب لا يصلح لزمننا الحاضر، فليس عند الله ماض وحاضر ومستقبل، فقد تساوت الأزمنة في علمه، ولا نقيس قدرة الله على قدراتنا، ولا علمه على علمنا فنكون من الهالكين000 هذا ما تبين لنا في زمنا الحاضر، وقد يأتي في الأيام القادمة زيادة إشارات ودلالات أكثر وضوحًا، وبيانًا لما في كتاب الله عز وجل مما فطن له الناس ومما لم يفطنوا له 0000 هذا والله تعالى أعلم 000 أبو مسلم العرابلي0
مواقع النشر (المفضلة)